عندما تُطالع أي قصة نجاح، تشعر ببساطة أحداث تلك القصة عند البداية، ومن دون شك، يأتيك ذلك الشعور: ليتني أعرف وأرى كيف كان بطل القصة يعيش أحداث البداية! مسألة البساطة عند البداية أمر طبيعي جداً لا بد أن يمر بهِ أي رجل أعمال، لأن الأشياء كالعادة لا تأتي بالصدفة. فاعلم ان الأشياء العظيمة دائماً تتجمع من أشياء صغيرة؛ ربما تلك الأشياء الصغيرة أو المبعثرة والتي لا تساوي قيمة لديك، فقط لأنها مُتفككة أو مُبعثرة، والعظمة تَكمُن في جمع تلك البعثرة وتركيبها في شيء واحد.
"أنا كنت موظف في بنك الخليج فمضطر اروح للوالد والاهل واقلهم لو سمحت عطني راس مال علشان ….. علشان اسوي بيه بزنس".
هكذا أعرب محمد جعفر صاحب شركة تطبيق طلبات دوت كوم عن بدايته في دخول المال والأعمال وتجربته في استثمار تطبيق طلبات دوت كوم، تطبيق هاتف لتوفير طلبات وجبات الطعام، الذي نجح في تحقيق انتشاراً واسعاً في منطقة الخليج.
لكن، هل تظن بأن نجاح مشروع تطبيق طلبات نجح برأس المال الذي استعاره محمد جعفر من والده الكريم؟!
الجواب: كلا، ولم تبدأ القصة بهذا الشكل، وللحديث بقية!
دعونا نتناول أحداث قصة نجاح شركة تطبيق طلبات بالترتيب الزمني المعكوس، أي سنبدأ مما هو عليه مشروع التطبيق الآن إلى حين انطلاقة تأسيس فكرة المشروع من الصفر.
شركة تطبيق طلبات دوت كوم الآن تملكهُ شركة روكت إنترنت الألمانية بنسبة 80% بعد أن استحوذت عليه من المستثمر الشاب محمد جعفر بصفقة 170 مليون دولار أمريكي لتصبح المستثمر الثالث، أما النسبة المتبقية ما زال محمد جعفر يحتفظ بها بمثابة سهم في الشركة.
أقرضه والده نصف مليون دينار كويتي في 2008، السنة التي بدأ فيها رحلته إلى عالم الأعمال عندما كان يبلغ 27 سنة، فانطلق الشاب المستثمر محمد جعفر بافتتاح مطعم في الكويت، قبل هذه الرحلة كان محمد يعمل موظف في بنك الخليج في الكويت.
"الوالد الله يطول في عمره اعطاني half a million KD وحطيته في fixed deposit. أجرت مكتب بروحي 4 امتار ×4 أمتار وكرسيين وكرسي انا قاعد فيه وكمبيوتر. فتحتلي مطعم صغير المطعم اسمه The Kitchen"
في 2008 أسس الشاب ذلك المطعم الذي أسماه The Kitchen بعد أن أعطاه والده ذلك المبلغ الذي أشار إليه على لسانه، كان المطعم يواجه مشاكل كبيرة في الوصول اليه من جانب الناس، لأن رقعة المطعم كانت في مكان يُصنف صنف C في العقار "حسب ما أشار محمد"، لذا فقد انضم محمد إلى طلبات بمثابة عميل يملك مطعم يقدم عروض طلبات توفير الوجبات من على تطبيق طلبات، فقد جعل توفير كل طلبات المطعم من على ذلك التطبيق، يوماً بعد يوم رأى محمد بأن هناك ازدياد في الطلبات عبر الموقع.
"عرفت حينها سر افتتاح مطعمي من خلال تلك الزيادة التي لم اصدقها! قرار الاستحواذ على الموقع كان مجرد شعور يراودني، مما دفعني هذا الشعور نحو الاستحواذ"
فقد دفعت تلك الزيادة بمحمد إلى الاستيلاء على شركة تطبيق طلبات دوت كوم، وحصل حوار على صفقة البيع بينه وبين عبدالعزيز اللوغاني وشريكه في 2010 بمبلغ 850,000 دينار كويتي، الوقت الذي كان فيه معدل الطلبات يصل إلى 1500-1600 طلب يومياً، مما نجح محمد جعفر في شراء الموقع مقابل ذلك المبلغ ليصبح المستثمر الثاني، وهيأ الاندفاع إلى تسليم لوحة التحكم له من يد عبدالعزيز اللوغاني.
عرض اللوغاني وشريكه في عام 2007 على خالد العتيبي عرض الاستحواذ على الموقع بصفقة كانت قيمتها 360 ألف دينار كويتي، وقد نجح التفاوض على الصفقة مما أدى بالعتيبي إلى تسليم لوحة تحكم الموقع إلى اللوغاني، ليصبح المستثمر الأول. في العام الذي اشترى الأخير من العتيبي، كان قد وصل معدل الطلبات اليومي من خلال التطبيق إلى 1000 طلب. في ذلك الحين كانت الخدمة متوزعة على 60 مطعم، مما دفع اللوغاني وشريكه بتفعيل آلية ربح جديدة تضمنت فرض رسوم على الزبون من الطرف الأول (الناس) وفرض رسوم أيضاً على العملاء من الطرف الثاني (المطاعم).
في عام 2006 وصل عدد الطلبات عبر الموقع إلى 150-200 طلب، مما دفع المستثمرين التوافد على العتيبي وتقديم عروض كانت قيمتها 100 ألف دينار مقابل تسليم لوحة تحكم الموقع. لكن العتيبي لم يستعجل بقرار البيع ولم تغريه تلك العروض من الأطراف الخارجية! استفاد العتيبي من تلك العروض في لعب اللعبة الصحيحة في الوقت المناسب، بأن يعرض على شركائه نفس سعر العروض التي قدمها المستثمرين، لكي يسحب مفاتيح لوحة التحكم من ايدي شركائه مقابل شراء حصصهم والاستحواذ على موقع طلبات بالكامل، ونجح العتيبي.
كان عام 2005 عاماً حرجاً لحياة طلبات دوت كوم، فقد كان على العتيبي وشركائه اما إنقاذ أنفاس المشروع الأخيرة أو الاستسلام أمام فقدان حياة مشروع طلبات دوت كوم! وصل العتيبي وشركائه إلى مفترق طريقين؛ إما إعلان فشل المشروع رسمياً بينهم، أو اتخاذ تدابير تسويقية جديدة لتوسيع نطاق سوق طلبات دوت كوم لإنقاذ المشروع من حافة الخطر. وفعلاً، اندفع الشركاء الأربع بعزيمة وإصرار إلى سلك الطريق الثاني وعدم التراجع، فقد أدى بهم ذلك الطريق إلى تشجيع عملائهم من أصحاب المطاعم مقابل الاشتراك مجانا في طلبات دوت كوم، أما عمولة الموقع فقد كانت تُستقطع من الزبائن بقيمة 200 فلس فقط لكل طلب، وبهذه الخطة فقد وصل معدل عدد الطلبات إلى 60 طلب يومياً، فقد كان هذا الرقم الفاصل الحقيقي بينه وبين رقم بداية حياة المشروع في عام 2004.
في 2004؛ سنة التأسيس الأولى والرسمية للموقع، والعام الذي ترسخت فيه قدم المشروع في السوق بصعوبة، فقد كان عدد الطلبات من على الموقع لا يتجاوز الـ 32 طلب يومياً بعد أن كان عملاء الموقع من أصحاب المطاعم يقتصر على 7 مطاعم فقط، وذلك لصعوبة إقناع الناس على طلب الطعام من الانترنت عبر موقع طلبات دوت كوم. لذا، كان الشركاء مُلزمين في إقناع الناس اولاً في إشباع طلبات وجباتهم من خلال موقعهم، مما واجه الشركاء الأربع الصعوبة الكبيرة في عملية الإقناع، وكان عليهم التحلي بالصبر قبل كل شيء، بما أن المشروع كان قد وصل لتوهِ من طور التأسيس بعد أن كان في طور أبرام التعاون.
في عام 2003، عرض العتيبي فكرته على ثلاث أشخاص مهتمين في مجال تكنولوجيا المعلومات، وقد تم إبرام اتفاقية التعاون بينه وبين هولاء الأشخاص على الشراكة والمشاركة في تأسيس المشروع، بعد أن وفر كل منهم مبلغ بقيمة 1000 دينار ليصبح المبلغ 4000 دينار فقط؛ رأس المال الذي انطلق العمل منه على تأسيس المشروع في ذلك العام. في ذلك الحين، كان العتيبي وشركائه مجرد طلاب جامعيين، فقد انطلق هؤلاء الشباب من مكتب صغير يعمل فيه موظفين اثنين فقط براتب 150 دينار لكل منهما. أما المؤسس الأول وصاحب فكرة الموقع وبطل القصة فقد كان محمد العتيبي، الذي شيدت شركة روكت إنترنت وغيرها جزءاً من أمجادها على آثار حروق أعصابه في صراعه مع فشل ونجاح فكرته.
هل لديك فكرة؟
ماذا تنتظر إذن!